La 1ère Guerre Mondiale - (H&G)

مقدمة
أدت التطوراتُ السياسيةُ والعسكريةُ في العالمِ إلى اشتعالِ نارِ الحربِ بين الدولٍِ الأوربيةِ، وقد أُطلق على هذه الحربِ اسمُ الحربُ العالميةِ لشمولِها، وللعددِ الكبيرِ من الشعوبِ التي اشتركتْ فيها أو أثرتْ فيها.
سببت الحربُ العالميةُ الأولى دماراً واسعاً في المدنِ الأوروبية، وأصبحَ السكانُ المدنيونَ هدفاً للقتلِ ومِدنهم أهدافا للتدمير.

شرارةُ الحربِ
مهدتْ المشاكلُ القوميةُ في البلقانِ لقيامِ الحربِ ، فقدْ شكلَ السلافُ العنصرَ الأكبرَ من الإمبراطورية ِ النمساوية، إلا أنهم لم يتمتعوا بالحقوقِ التي كان يتمتعُ بها النمساويون والمجريون.
زاد عددُ السـلافِ فـي النمسا بعـد ضمها لإقليمي البوسنةِ والهرسك، ولم يكن هدفُ سكانِ هذين الإقليمينِ الحصولَ على المساواةِ مع النمساويين والمجريين، بل الانضمام إلى صربيا فأيدت روسيا مطالبَ السلافِ.
بعدَ أقلِ من سنتين تحولت ِالحربُ العالميةُ الأولى إلى حربِ اتبعت فيها استراتيجية حربِ الخنادقِ ،وفي هذه المرحلةِ من الحربِ قُتِلَ الكثيرُ من الجنودِ بسببِ عدمِ توفرِ الخدماتِ الصحيةِ، والتعرض للبرد وهجماتِ المدافعِ المعادية .
في عام 1914م قامَ وليُّ عهدِ النمسا بزيادةٍ لسراجيفو عاصمةِ البوسنة ، وأعلن أنه سيعملُ على مساواةِ السلافِ ببقيةِ سكانِ الإمبراطورية النمساوية، وأثناء َ تنقُّلهِ في المدينة اغتالهُ طالبٌ سلافي، فأدى هذا الحادثُ إلى وقوعِ الحربِ بينَ النمسا وصربيا، ثم امتدت الحربُ إلى بقيةِ الدولِ الأوروبية.

عواملُ قيامِ الحربِ العالميةِ الأولى
قامتِ الحربُ العالميةُ الأولى بتأثيرِ العواملِ الآتية:
*هجرة البوسنيينُ إلى بلادِ الشام
كانت البوسنة والهرسك ولايةً عثمانيةً إلا أن النمسا احتلت هاتين المنطقتين وضمتهُما إليها عام 1878م ،مما أدى إلى هجرة بعضِ سكانِها المسلمينَ إلى بلاد ِ الشامِ في نهايةِ القرنِ التاسعِ عشرَ،فاستوطنوا في مناطق مختلفةٍ من بلادِ الشامِ ، مثل قيسارية على البحرِ المتوسط جنوبَ حيفا، وقريةِ الغابةِ القريبةِ منها
*الحركاتُ القوميةُ
ازدادَ الشعورُ القوميُّ في أوروبا في بدايةِ القرنِ العشرين، فطالبتِ الشعوبُ المحتلَّةُ في شرقِ أوروبا بالاستقلال، فقد سيطرتِ النمسا مثلاً على شعوبٍ عديدةٍ كالسلافِ، والكرواتِ والبوسنيين والسلوفاك والتشيكيين والمجر، وكان في كلٍّ منها حركةٌ قوميةٌ منظمةٌ، تطالبُ بالاستقلال ومستعدةٌ للقتال من أجلهِ. أما في الدولِ القويةِ كألمانيا وفرنسا فقد تمثل ازديادُ الشعورُ القوميِّ في حبِّ شعوبِها للسيطرةِ على شعوبٍ أخرى.
*التنافسُ الاستعماريُّ
أدَّى بين الدولِ الأوروبية، إلى خلقِ مشاكلَ وأزماتٍ بينَ هذه الدولِ، فأدت أزمةُ مراكشَ (المغربَ) إلى توتر العلاقات ِ بينَ فرنسا وألمانيا ، ففي عام 1905م احتلتْ فرنسا بعضَ المدن المراكشية، فاحتجتْ ألمانيا على ذلك ودعتْ إلى عقد ِمؤتمرٍ لمناقشةِ الأزمةِ المراكشية، فعقدَ مؤتمرُ الجزيرةِ في إسبانيا عام 1906م الذي اعترف بالنفوذِ الفرنسيِّ في مراكش ، وفي عام 1911م تابعتْ فرنسا احتلالَ المدنِ المراكشيةَ (المغرب) الأخرى، فاحتجتْ ألمانيا التي أرسلت سفنها الحربية إلى ميناءِ أغادير المراكشيِّ(المغرب) لمنعِ فرنسا من احتلال ِ جميعِ مراكش، ولكنَّ المشكلةَ سُوِّيتْ بينَ الدولتين عندما تنازلت فرنسا لألمانيا عن جزءٍ من الكونغو الفرنسي، وقد أدى التنافس ُالاستعماريُّ إلى توترٍ في العلاقاتِ الدوليةِ.
*التسابق ُ في التسلحِ وسياسة ُ الأحلافِ:
اعتقدَ عددٌ من القادةِ الأوروبيينَ، أن القوةَ العسكريةَ هي السبيلُ الأمثلُ لحلِّ المشاكلِ ولفرضِ السيطرةِ على الدولِ الأخرى، فبنتْ ألمانيا قوتَها العسكرية، وصممتْ على التفوُّقِ على بريطانيا، كذلك زادتْ فرنسا وروسيا من قوتهما العسكرية.
ومن جهةٍ ثانيةٍ ، عقدتْ الدولُ الأوروبيةُ سلسلةً من التحالفاتِ السياسيةِ والعسكريةِ لحمايةِ نفسها،فقد تحالفتْ ألمانيا مع النمسا، وانضمت إليهما فيما بعدَ الدولةُ العثمانيةُ، بينما تحالفتْ روسيا وإنكلترا وفرنسا . وقد اتفقتْ هذه الدولُ على التعاونِ العسكريِّ فيما بينها في حالة الحربِ. وكان عددٌ من بنودِ اتفاقياتِ التحالفِ سِريةً ، وكان من نتيجةِ هذه الأحلافِ أن ازداد تشبثُ الدولِ الأعضاء بمواقفها في الخلافاتِ الدوليةِ، لأنَّ كلاً منها كانتْ تستندُ إلى قوةِ حلفائِها، إذا ما تحوَّلَ الخلافُ إلى حرب، فأدتْ هذه العواملُ إلى قيامِ الحربِ العالمية الأولى.

أحداثُ الحربِ
وفي عام 1914م أعلنت النمسا الحربَ على الصربِ، فأعلنت روسيا تأييدَها للصربِ وأعلنت التعبئةَ العامةَ ، وطالبت ألمانيا روسيا بوقفِ التعبئةِ فرفضتْ روسيا ذلك ، وأيدتها فرنسا، فردتْ ألمانيا بإعلان الحربِ على الدولتين.
في 2آب من السنةِ نفسْهِا زحفَ الجيشُ الألماني إلى فرنسا عبر بلجيكا وهولندا ،فأعلنت بريطانيا الحربَ على ألمانيا بحجة الدفاعِ عن حيادِ بلجيكا التي تعهدتْ بريطانيا بحمايتها .
اتسع َ نطاقُ الحربِ، فدخلتْ الدولةُ العثمانيةُ وبلغاريا الحربَ إلى جانبِ ألمانيا والنمسا وعرفتْ هذه الدولُ بدولِ الوسط، بينما انضمت اليابانُ والصينُ والبرتغالُ وبلجيكا وإيطاليا ، إلى جانب بريطانيا وفرنسا وروسيا، وعرفت هذه الدولُ بدولِ الحلفاء.ِ
وفي عام 1917م انسحبت روسيا من الحربِ على أثر قيامِ الثورةِ الشيوعيةِ فيهما،وفي العامِ نفسهِ دخلتْ الولاياتُ المتحدةُ لأمريكية الحرب َ إلى جانبِ الحلفاء مما أدى إلى دعمِ موقفِهم.
كانت أشدُّ المعاركِ في الحربِ بينَ فرنسا وألمانيا، فقد استطاعت القواتُ الألمانية الوصولَ إلى مناطق َ قريبةٍ من باريس، إلا أن دخولَ الولاياتِ المتحدةِ الحربَ ،وتقديمَها المساعداتِ العسكريةِ والبشريةِ للحلفاء ، أوقفَ الهجومَ الألمانيَّ ودفعَ الحلفاءَ إلى القيامِ بهجومٍ معاكسٍ ، أجبرَ الألمانَ على قبولِ الاستسلامِ في 11 تشرين ثاني 1918م.